هَذّبْ فُؤادَكَ يا شَقِيُ ولا تَسَلْ .. إنَّ الفؤادَ يَطيبُ في نَظْمِ الغَزَلْ
وارْسُمْ صُروحَكَ واعْتَلي عَرّشَ الهَوى .. إنَّ الجَمَالَ إِمارَةٌ حَيثُ الخَجَلْ
واشرَبْ كُؤوسَكَ واسْتَكِنْ في قَعْرِها .. تَحيى جَميلاً بالهيامِ إلى الأزلْ
هَذي القَصائِدُ لا تَثورُ لِوحْدِها .. لا بُدَّ مِنْ مُقَلٍ تُغيرُ على المُقَلْ
...
وَأُحِبها
حتى يُعانِقَني الهَوى
وَأَقولُها حَتى يُصافِحَني الدَفا
لا شَيءَ في قَلبي
سِواكِ حَبيبتي
لا شيءَ يَبقى عِندَ ذِكرِ حَبيبتي
وَأُحبها
حَيثُ العِناقُ مُحَبَّبُ
يَحكي حَناناً والحنانُ مُجرَّبُ
والصَمتُ يَرسُمُ ثَغْرَها
وَقَصائِدُ العُشاقِ تَرْسُمُ دَرْبَها
وَحَدائِقُ الليمونِ تَغْزِلُ شالَها
وَكَنائِسُ الوِجْدانِ تَقرَعُ جَرْسَها
لِتُعيدَ فينا
كيفَ أَنْ نَرنو السَماءَ
بِغَيْمَةٍ ذَهَبيةْ
وَأُحبها
كَدَقائِقٍ تَتَرا تَهزُّ عَقارِبي
كَخَريطَةٍ ماسِيةٍ في القارِبِ
فيها الفُؤادُ مُحدَدٌ بِخُطوطِ عَرْضٍ ناعِمٍ
وَخُطوطُ طولٍ مِثْلُها
وأنا بها حَيثُ الهَوى كَجَزيرَةِ العُشاقِ
رَسْمُ الحاجِبِ
وَأُحبها
حَيثُ الطيورُ أَنيقَةٌ
حَيثُ الدُموعُ عَليلةٌ
وَحَمامَةٌ مالتْ عَلى صَدرِ الهَوى
لِتُنقّرَ النَجْماتِ في خَدِ الفَتى
كَنَسائِمِ الشُطئانِ تَسرَحُ في الفَضا
كَأَنامِلِ الحُصادِ تَقْطُفُ ما نَما
وَأُحبها
حَيثُ الهِيامُ حُدودُهُ
ظِلٌ يَحارُ شُرودُهُ
يَذوي إِليها والهِيامُ يَقودُهُ
كَغَمامَةٍ فَوقَ السَماءِ لِوحدِها
تَسقي شِفاهَ البَدرِ
حَيثُ سُجودُهُ
وَأُحبها
كِتلالِ فُلٍ يَكتَسيها طَلْعُها
تُهدي ضِياءً والمَشاعِرُ زَيتُها
فَأُمَرِّغُ الأجفانَ في أَجْفانِها
علّي أَرى شَكلَ الحَياةَ بِعَينِها
...
بِالأَمْسِ كُنا نَستَفِزُ دُموعَنا
وَنَسائِمُ الإِصباحِ تَغْمُرُ جَفْنَنا
وَكَمْنَجَةٌ في ثَغْرِها وَأَنا هُنا
مُتَرنِّمٌ والشِعرُ يَرويهِ الهَنا
يا للنداءِ ويا لِحُسنِ هُدوئِها
والعيشُ حُلوٌ والصَبابَةُ عِندَنا
مَلِّي عُيونَكِ مِنْ عُيوني وارتَمي
فالبحرُ حُضنٌ والمَشاعِرُ يَمُّنا
وَتَمددي في ضِفةٍ وَضاءَةٍ
وَتَقْبّلي لَونَ الغُروبِ بعَينِنا
سِيري زُهاءَ البَحْرِ في نَسَقِ الهَوى
وَتَأملي مَدَّ الهِيامِ وَجَزرِنا
وإذا تَعاظَمَكِ المَساءُ تَمدَّدي
في عينِ قَلبي فالجُفونُ تَضُمُنا
...
وَأُحبها
والأعطياتُ شَحيحَةٌ
لا بُدَّ أنْ يَشتاقَ قَلبي
لا بُدَّ أَنْ يَهذي بَخوري عِندَها
حَتى إذا ما أَجْهَشَ العِنابُ في وِجدانِهِ
قالتْ حَبيبي والهِيامُ يَصُبُّنا
وَأُحبها
وأقولها حَتى يُعاتِبَني القَدَرْ
جَفْنُ الشِتاءِ دُموعُهُ حَبُّ المَطَرْ
كَغَمامَةٍ تَنْزاحُ في مَدِّ البَصَرْ
كَعَرائِسِ الرُّمانِ تَرْقُصُ في الشَجَرْ
وَأَنا المُقيمُ على مُناجَاةِ القَمَرْ